المصالحة في المواد الجزائية.
Loading...
Date
2010
Authors
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
كلية الحقوق و العلوم السياسية
Abstract
یتضح لنا من ھذه الدراسة ھو أھمیة المصالحة في نطاق المواد الجزائیة بوصفھا طریقة
غیر قضائیة لإدارة الدعوى العمومیة، یمكن من خلالھا تجاوز أزمة العدالة الجنائیة التي
تعاني منھا كافة المجتمعات الإنسانیة. فلم یعد اھتمام القانون الجنائي قاصرا على ردع وقمع
الجاني فحسب بل أضحى إعادة تأھیل ھذا الأخیر وتعویض المجني علیھ والمعالجة غیر
القضائیة للدعوى العمومیة من الفلسفات الحدیثة التي ترتكز علیھا السیاسة الجنائیة الحدیثة
، حیث تندرج المصالحة الجزائیة أیضا كنمط من أنماط التسویة الودیة للمخالفات في
السیاق العام للردة عن التجریم وعن القضاء معا، وفق الاتجاھات الجدیدة للسیاسة الجنائیة
نحو أكثر مرونة و أقل وقت في فض النزاعات .
إلا أنھ بالرغم من ھذه الأھمیة البارزة للمصالحة الجزائیة، فقد عجزت الآلیات القانونیة
التقلیدیة عن إعطاء تعریف دقیق للمصالحة في المواد الجزائیة ، ھذه الأخیرة التي تجاوزت
التقسیم الثنائي للقانون : مدني من جھة، وجزائي من جھة أخرى، فالمصالحة كما رأینا من
خلال دراستنا، تنتسب إلى الصلح المدني دون أن تكون عقدا مدنیا، وتحمل في طیاتھا
جزاءا دون أن تنصھر فیھ. فھي إجراء ذو وجھین : وجھ مدني ووجھ جزائي تسمح
بالتسویة الإداریة للجرائم ، بحیث تنطوي على نسبة كبیرة من خصائص العقد المدني،
وبنفس القدر أو أكثر على خصائص الجزاء الإداري .
ورغم أن المشرع الجزائري قد أقر نظام المصالحة الجزائیة لتسویة النزاعات في بعض
الجرائم المالیة والاقتصادیة وبعض المخالفات التنظیمیة، إلا أنھ ما زال متشددا في تحدید
شروطھا ومترددا في تحدید آثارھا في ھذه المجالات، فھو لم یتخل نھائیا عن بعض
الأحكام التي تفرغ المصالحة في المواد الجزائیة من محتواھا، ھذه الأحكام التي لا تترك
مجالا آخر للخیار أمام الطرف المتصالح مع الإدارة غیر الانصیاع لقرارات ھذه الأخیرةالمصالحة في المواد الجزائية
في قبولھا أو رفضھا للمصالحة، أو في تحدید مقابل المصالحة بإرادتھا المنفردة، أو في
اشتراط إقرار ھذا الطرف بالجریمة المرتكبة .
ولمواجھة ھذه النقائص، نقترح أن یوسع المشرع الجزائري من مجالات المصالحة
لتشمل مجالات أخرى مثل الضرائب والغابات والبیئة، ولم لا النص على جواز الصلح بین
الجاني والمجني علیھ في بعض الجرائم أسوة بما تنص علیھ بعض التشریعات الأجنبیة
والعربیة.
كما یحسن بالمشرع الجزائري أن یقنن الوساطة الجنائیة في الجزائر في طوائف محددة
من الجرائم التي تتعلق بالمنازعات الأسریة ، وبما یتواءم والنسیج الاجتماعي الجزائري .
كل ھذا مع الحرص على حمایة حقوق الفرد في مواجھة الإدارة، وذلك بزیادة دور
القضاء وخاصة النیابة العامة في الرقابة على إجراءات المصالحة الإداریة وأن یعطى لھا
دور فعال في ھذه الإجراءات حتى تتمكن من توفیر الضمانات الكافیة للطرف المتصالح
وذلك بترقیة مركزه وتحریره من عقدة المتھم