تفسير الشك لصالح المتهم
Loading...
Date
2010
Authors
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
كلية الحقوق و العلوم السياسية
Abstract
في نهاية هذا البحث و من خلال دراستنا لموضوع" قاعدة تفسير الشك لصالح
المتهم" خلصنا إلى أن الحرية الفردية و مبدأ الأصل في الإنسان البراءة إلى حين ثبوت
العكس باليقين ,هما من أسمى الغايات التي يسعى الإنسان إلى المحافظة عليها , كما يسعى
إلى صونها بخير ما يملك , لتكون من المبادئ الأساسية في أي نظام قانوني لأي دولة
حديثة, "فقاعدة الشك" أو ما يعرف في الشريعة "باليقين لا يزول بالشك", تعد من أهم
المقتضيات المنطقية التي تترتب عن هذا المبدأ الأصل- قرينة البراءة- و قد ارتبط
تطورها بتطور هذا الأخير ذلك أن كرستها الشريعة الإسلامية , و قبلها بعض الحضارات
القديمة فضلا على تبنيها أيامنا من قبل التشريعات الجنائية الحديثة التي لم تسبت على
بدائياتها الفطرية.
و إذا كانت قرينة البراءة تقتضي أن يعتبر كل إنسان بريء ما لم تثبت إدانته جهة
قضائية نظامية بموجب حكم نهائي , فإن مدلول "قاعدة الشك" ينصرف إلى ذلك التردد
بين النقيضين بلا ترجيح لأحدهما على الآخر وهما الإدانة و البراءة حول نسبة الفعل
المجرم المرتكب إلى المتهم, كما أن تقدير القاضي لقيمة الدليل يخضع لحريته و اقتناعه
وفقا لما تمليه عليه عقيدته فكل شك في قيام الجريمة يجب أن يفسر لصالح المتهم و بها
يجب أن تطرح أدلة الإدانة و تتأكد براءة المتهم ,ومن ثم كانت الأحكام في المواد
الجزائية تبنى على الجزم و اليقين لا على الظن و التخمين.
و إن لم يرد ضمن نصوص قانون الإجراءات الجزائية ما يفيد موقف المشرع
الجزائري من هذه القاعدة و كيفية تطبيقها فقد كرسها على نحو جل التشريعات الجنائية
المعاصرة في قانونه الأسمى الذي كرس مبدأ البراءة في المادة 45منه , هذا و قد استقر
قضاء المحكمة العليا على أنه إذا لم تتوصل الجهات القضائية من خلال الأدلة المجتمعة
إلى اليقين بإسناد التهمة إلى المتهم المساءل أمامها فإنه يتعين عليها أن تقضي بالبراءة
و قد أجمع الفقه و القضاء على اقتصار إعمال هذه القاعدة في مرحلة المحاكمة دون باقي
المراحل التي تمر بها الخصومة الجزائية فلا مجال لسريان هذه الأخيرة في مرحلة97
الاستدلالات أو التحريات الأولية و التي يتخذ فيها الشخص صفة المشتبه فيه , هذا من
جهة و لما كانت النيابة العامة و المتهم هما الخصمان في الدعوى الجزائية فالأرجح أن
تفترض هذه الأخيرة إذنابه و تفسر كل شك ضده . ومن جهة أخرى و بدورها سلطة
التحقيق توازن بين الأدلة وتفاضل بين الاتجاهات و القرائن المختلفة , فإذا ترجح لها من
خلال ذلك إدانة المتهم على براءته, أحالته أمام المحكمة المختصة أما وقد أصدرت أمرها
بأن لا وجه للمتابعة فلا يعني ذلك أنها فسرت الشك لصالح المتهم و إنما هي مقيدة في
إصدارها لأوامرها بنصوص قانونية أوردت حالات إصدار الأمر بانتفاء وجه الدعوى
حصرا لا مثالا, إذ لا يمكن إقرار حكم مسبق خلال مراحل سير الدعوى الجنائية حول
إذناب أو براءة المتهم إلى حين مرحلة المحاكمة , أين تكتمل الأدلة ويتسنى للقاضي
الموازنة بينها.