السياسة الجنائية في مجال تبييض الأموال في الجزائر
Loading...
Date
2009
Authors
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
كلية الحقوق و العلوم السياسية
Abstract
یعد المال عصب الحیاة ، لذا حرصت التشریعات السماویة و الوضعیة على حمایتـــھ
و توجیھ الإنسان نحو الكسب الحلال و انفاق المال في مواضعة الصحیحة ، بما یعـــــود علیـھ
و على مجتمعھ بالخیر و المنفعة. لا شك أن سلامة الإقتصاد الوطني یمثل دعامة أساسیة
لاستقرار الحیاة السیاسیة و الاجتماعیة ، لذلك كان الارتبــاط و التــلازم بین الأمن الاقتصادي
و الأمن السیاسي و الأمن الاجتماعي ، بسبب المتغیرات و التحدیات الكثیرة التي نتجت عن
فكرة العولمة و التي تعني إزالة الحواجز الإقتصادیة بین الدول.
أدى التقدم التكنولوجي الھائل خاصة في مجالات الاتصالات و تكنولوجیا المعلومات
إلى ظھور أنواع جدیدة من الجرائــم لم یكن للعالــم سابق عھد بھا ، مثــل جرائــم الانترنیــــت
و تجارة الرقیق الأبیض ، و جرائم تبییض الأموال التي تعد إحدى صور الجریمة المنظمة
العابرة للحدود ، فھي جریمة مستحدثة ذات طبیعة خاصة ، بحیث تصاعدت أنشطتھا مستغلة
في ذلك التطورات المذھلة في مجال الاتصالات و سھولــة انتقــال رؤوس الأمــوال و السلــع
و الأشخاص ، نتج عنھ بروز جماعات إجرامیة منظمة تتخطى حدود الدول مشكلة بذلك آثارا
مدمرة على كافة المستویات العالمیة و الإقلیمیة و المحلیة ، مما أدى بالمجتمع الدولي و منھا
الجزائــر إلى ضــرورة مكافحتھــا لتعارضــھا أساســا مــع المفاھیــم الإنسانیــة و الأخلاقیــة
و الدینیــة و مصالح الدولة والجماعات ، و ذلك عــن طریق إبرام جملــة من الاتفاقیات الدولیة
و تشكیل منظمات دولیة و إقلیمیة لتعزیز التعاون الدولي للوقوف في وجھ ھذه الظاھرة.
في ھذا الشأن اتبع المشرع الجزائري سیاسة جنائیة متشددة ، تمثلت في المصاقة على
جل الاتفاقیات الدولیة المجرمة لعملیات تبییض الأموال ، نظرا لما تشكلھ ھذه الظاھرة من
خطر على سلامة الاقتصاد الوطني و استقرار الدولة ، إضافة إلى أنھ قام بترجمة بنود ھذه
الاتفاقیات و التوصیات الدولیة إلى نصوص تشریعیة داخلیة إضافة إلى جملة من التدابیر
الوقائیة بما یتوافق مع السیادة الوطنیة و تماشیا مع التزاماتھ الدولیة و الاتجاه العالمي المتشدد
بخصوص مكافحة و تجریم ظاھرة تبییض الأموال ، فكان القانون رقم 01-05المؤرخ في
2005/02/6یتعلق بالوقایة من تبییض الأموال و تمویل الإرھاب و مكافحتھما ، بدایة فعلیة
للوقوف في وجھ ھذه الجریمة ، ناھیك عن تعدیل قانون العقوبات و قانون الإجراءات الجزائیة
لنفس الغرض ، إضافة إلى إنشاء خلیة معالجة الاستعلام المالي مھمتھا مكافحة تمویل الإرھاب
و تبییض الأموال ، كما ألزم المشرع البنوك و المؤسسات المالیة بجملة من التدابیر القانونیة
التي تصب كلھا في إطار كشف الجریمة و التضییق على أصحاب الأموال القذرة و منعھم من
تبییض عائداتھم سواء داخل الجھاز المصرفي أو خارجھ تمھیدا لتقدیمھم أمام العدالة.
لكن برغم مجھودات المشرع الجزائري في ھذا الشأن ، لازالت ھناك بعض العوائق
المتمثلة أساسا في نقص الخبرة لدى الأجھزة المكلفة بمكافحة ھذه الظاھرة ، فضلا عن التجاوب
البطیئ للأشخاص الطبیعیین و المعنویین المكلفین بالإخطار بشبھة تبییض الأموال