الحروب السيبرانية في العلاقات الدولية * المفهوم والظاهرة
Loading...
Date
2022
Authors
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
قسم العلوم السياسية
Abstract
توسع مفهوم الحرب ليتضمن أشكل أخرى مغايرة لمفهومها التقليدي، حيث بات الفضاء
السيبراني بنية خصبة لنوع جديد من الحروب مختلفة تماما عن سابقتها، أصبحت فيه الحروب
السيبرانية بأدواتها ووسائلها المختلفة تمثل المعيار الرئيسي لتحقيق التفوق في هذا المجال، ومن
يمتلكها بإمكانه تسيير مسار حروب سيبرانية.
إن الحرب السيب ارنية في الوقت الحالي أصبحت واقع الذي أرعب حتى الدول الكبرى،
فالحرب السيبرانية ليست استخدام افتراضي فقط، بل هي تعبير حقيقي عما يمكن إلحاقه من
أضرار عن طريق الهجمات السيب ارنية، التي قد تفوق قدرتها التدميرية الأسلحة التقليدية،
فالهجمات منخفضة التكلفة أما الأضرار قد تصل إلى المليارات من الدولارات سواء أضرار
نفسية أو مادية، قد يعاني منها أفراد أو مؤسسات حكومية أو خاصة، ويمكن أن تحدث أيضا
تعطيل وزعزعة استقرار البنى التحتية في عدة قطاعات، مما يؤدي إلى شلل في الأنشطة
المختلفة للدول المستهدفة.
الهجوم السيبراني يستخدم التكنولوجيا المتاحة، ونظرا للتطور السريع للتكنولوجيا، فمن
الأكيد أن لا تكون الأسلحة السيب ارنية المتوفرة حاليا والتي تم عرضها في برمجيات ضارة من
أنواع الفيروسات والديدان الحاسوبية والقنابل المنطقية والأحصنة الطروادية، مشابها لما سوف
تكون في المستقبل القريب، وسيكون هناك تغيير في نوعية الأسلحة السيب ارنية في المستقبل،
لتكنولوجيا
حيث تكون أكثر تطوار وتدمي ار مما هي عليه الآن، لأنها تتطور حسب تاريخ الهجوم وا
المتوفرة المعتمدة على البرمجيات التي تستخدم من طرف المخترقين على سبيل المثال فيروس
ستكنست .
إن الفضاء السيبراني الذي بات يشكل تهديد للأمن العالمي، فرض نفسه بقوة على واقع
العلاقات الدولية، و قد يصبح هو سلاح المستقبل، لما يوفره للجهات الفاعلة من مزايا
وخصائص، على سبيل المثال أتاح إمكانية إخفاء الهوية أو تزويرها ( إستخدام خوادم من:
دول أخرى)، ونظ ار إلى طبيعة الفضاء السيب ارني الذي لا تحده الحدود يصعب اكتشاف مصدر
المتسللين على الإنترنت، مما سمح للمهاجم من التملص من المسؤولية، إضافة إلى تعدد
الفواعل في العالم الافتراضي، وعلى الصعيد أخر انخفاض تكلفة الأسلحة السيبرانية مقارنة
بالحروب والعمليات العسكرية التقليدية، كما بإمكان تحقيق الاختلال في التوازن حيث بمقدور
الدول الصغيرة التي تملك قدرات عسكرية محدودة أن تقوم بضرب الدول أكثر قوة منها في
العالم الواقعي وتسبب لها أضرار بالغة، كذلك في ظل الظروف الحالية وغياب قوانين دولية أو
معاهدة صريحة تجرم الهجمات السيبرانية، فتح المجال أمام الحروب في العالم الافتراضي
لتصبح هي البديل الأمثل الذي يلجأ إليه الدول في صراعاتها، سواء في الهجوم أو للدفاع عن
النفس، رغم صعوبة الوقاية في ظل زيادة فاعلية التهديد السيبراني.
كما ارتبط مصطلح الحرب السيبرانية بعدة هجمات شهدها العالم الافتراضي، التي انتقلت
أضرارها إلى العالم الواقعي على غرار الهجمات السيبرانية التي تعرضت لها إستونيا سنة
،2007جورجيا ،2008إيران ،2010فإن الفضاء السيبراني أصبح ساحة للمعارك الدولية،
وفي ظل نمو وتيرة التهديدات السيبرانية وتزايد التعرض للهجمات ضد البنية التحتية والتلاعب
بالبيانات من خلال الفضاء السيبراني، متزامنة مع زيادة اعتماد المجتمع على شبكة الإنترنت
لتسهيل خدامتها وتوزيع المعلومات على مواطنيها، فإنها أصبحت هدف جذابا للهجمات، حيث
سارعت الدول على توسيع قدراتها العسكرية لتشمل شبكة الإنترنت وأنظمة الكمبيوتر، بإتخاذ
إجراءات وقائية لمواجهة ظاهرة الحروب السيبرانية أو التقليل من مخاطرها، عن طريق الردع
والدفاع السيبراني، إضافة إلى سعي على اتخاذ إجراءات قانونية دولية للتصدي لهذه الظاهرة،
وما خلفته من عواقب خطيرة قبل أن تتفاقم مع تطور الرهيب في أنواع الأسلحة المستخدمة في
الفضاء السيبراني.