تجاوز حدود الدفاع الشرعي

Loading...
Thumbnail Image
Date
2021
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
كلية الحقوق و العلوم السياسية
Abstract
يقوم كل مجتمع متمدن على مبدئ أساسي هو الأصل في الأشياء الإباحة، والتي تعني أن الفعل الذي لا يتناوله المشرع بالتجريم أوسن عقوبة على مرتكبه ولو سلبا يكون مباحا إباحة أصلية، أما الفعل الذي يخضع لنص تجريمي لحماية مصلحة معينة، فالمشرع قد بببحه استثناء إذا وقع في ظروف معينة، ومن ثم يكون الفعل مباحا إباحة استثنائية وهذه الظروف التي حددها المشرع وجعل من أثارها إباحة الفعل المجرد تسمى بأسباب الإباحة. ولو ترك أمر التجريم للقاضي لأضحى الأفراد في حيرة من أمرهم لا يدرون بصفة قاطعة ما هو مباح لهم وما هو محظور عليهم، ففي هذه القاعدة إذن ضمان لكفالة حقوق تعسف السلطات وصيانة للمصلحة العامة، إذ يؤمن للأفراد حريتهم في مباشرة أوجه النشاط الإنساني. فالإباحة الاستثنائية هي التي يكون فيها الفعل في أصله ومعاقبا عليه بمقتضى نص تشريعي، إلا أنه إذا اعترته علة الإباحة يؤذن به، إذا كان ممنوعا أو إذا وجد سبب من أسباب الإباحة المنصوص عليها في القانون، ومن أمثلتها الدفاع الشرعي، فعند حلول خطر يهدد النفس البشرية أو مالها، فإن هذا يتطلب رد فعل يوقف ذلك الخطر المتوقع أو يدفعه لأجل المحافظة على الحياة أو المال من الهلاك، إلا أنه وأثناء قيام الشخص بممارسة هذا السلوك الذي كفله له القانون من المتصور أن يتمادى لأكثر مما هو مستوجب لرد الخطر وعليه تبعا للظروف، فمن المتصور أن لا يسأل الشخص عن هذا الفعل، لأنه لا يستطيع رد الخطر بطريقة أخرى، أو أنه سيسأل عن هذا الفعل ويكون بذلك متجاوزا لحدود دفاعه، فيعد الدفاع الشرعي سببا من أسباب الإباحة، أي أنه ينتج على الفعل المجرم الذي أقدم عليه الشخص في الصفة الشرعية ويخرجه من نطاق التجريم، ويتضح لنا من سياق هذا القول بأن نصوص ومواد التجريم ليست مطلقة، بل يرد عليها قيود تضيق من نطاقها. فالمشرع يهدف من هذه النصوص لحماية مصالح اجتماعية معينة على جانب من الأهمية، فينص على تجريم تلك الأفعال، لكن تقدير المشرع مفاده أن مصلحة المجتمع تكمن في عدم العقاب، على الرغم من خضوعها لنصوص التجريم، و أساس تبرير فعل الإباحة وعلته عند الفقهاء المسلمين لا يختلف عما ورد في السياق السابق.
Description
Keywords
Citation