النظام القانوني للمخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير
Loading...
Date
2017
Authors
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
كلية الحقوق والعلوم السياسية
Abstract
عانت المدن الجزائرية اختلالات كبيرة منذ فترة ما بعد الإستقلال نظرا لغياب منظومة تشريعية عمرانية تتلاءم مع واقع وآفاق المدنية التي طمست معالمها في الحقبة الإستعمارية، لتحد نفسها بعد الإستقلال مباشرة مجبرة على تطبيق قوانين فرنسية بحتة.
أصدر المشرع الجزائري مجموعة من النصوص القانونية المتعلقة بالتهيئة والتعمير أهمها
قانون 90-29 المعدل والمتمم بموجب القانون 04-05 الذي يعد ركيزة أساسية لقانون التعمير الجزائري الحديث نسبيا، فبصدور هذا الأخير اتضحت معالم المنظومة التشريعية العمرانية وأصبحنا نمتلك آليات ووسائل قانونية لتسيير المجال العمراني المتمثلة في المخططات التوجيهية للتهيئة والتعمير ومخططات شغل الأراضي.
إضافة علي آليات أخرى خصصت لتسيير العمران بالمناطق الحساسة من الإقليم كالساحل الأراضي ذات الميزة الطبيعية الثقافية والتاريخية البارزة والأراضي الفلاحية الخصبة والعالية الخصوبة بموجب مخططات خاصة بحمايتها.
رغم مجهودات المبدولة في هذا المجال إلا أن هذه الآليات تظل مشوبة ببعض النقائص والعيوب التي تشكل حواجزا أمام التسيير الرشيد، والناجع للمجال العمراني والتنمية المستدامة
للمدينة إذ عرفت قصورا كبيرا في تطبيقها ولم تحترم أحكامها.
فقد أنجزت بنايات على مناطق يحظر البناء عليها تماما كما احتلت حتى المناطق الحساسي من الإقليم بطرق غير شرعية دونما أدني اعتبار لخصوصيتها.
إن مهمة الرقابة التي يقوم بها الأعوان المؤهلين قانونا لذلك إلى جانب هيئات وأجهزة أخرى على الأنشطة العمرانية ينقصها نوع من الصرامة رغم وضع آليات قبلية وحتي بعدية لرقابة عملية البناء في مختلف مراحلها مما أدى إلى انتشار البناء
الفوضوي المشوه لصورة
البلد ومظهره الحضاري الذي أضحى طابعا مميزا لأغلب المدن على مسمع ومرأى السلطات
العمومية.
فالمخالفات العمرانية كثيرة ومتنوعة مما يشكل خطورة كبيرة على سلامة المواطنين وأمنهم وإخلالا بالنظام العام ذلك بسبب تأخر صدور العقوبات الصارمة بشأن هذه المخالفات وإن وجدت فقد انحصرت في غرامات كالية ضئيلة لا معني لها مقارنة بحجم الجرم المرتكب. هذا ما شجع مرتكبي المخالفات على التمادي في الخرق الصارخ لقواعد التهيئة والتعمير التي تعد قواعد ملزمة.
وإن كان المشرع الجزائري قد شدد نوعا ما من العقوبات المقررة على المخالفين إلا أن هذه العقوبات جاءت جد متأخرة.
يبقي التكفل بتسيير العمران مهمة جد صعبة تفترض رؤية سياسية واضحة ووعي جماعي بمدى أهمية هذا المجال تصاغ ضمن إستراتيجية شاملة مع إشتراك جميع الفاعلين، إلا أن ذلك لن يكتمل إلا من خلال وضع القوانين الضرورية والحرص على رقابة صارمة لتطبيقها.