الرقابة القضائية على السلطة التقديرية للإدارة
Loading...
Date
2022
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
كلية الحقوق والعلوم السياسية
Abstract
إن الارتباط و التلازم القانوني في العلاقة بين سلطة الإدارة التقديرية، و الدولة
القانونية الذي رأينا فيه أهمية بالغة هي التي ساقتنا للخوض فيه ، و الفقه في الواقع يجمع أيضا
على أن الرقابة الإدارية أو الذاتية ، والرقـابة السياسية سواء أكانت رقابة برلمانية أو رقابة رأي عام
، وان كانت تلعب دوار هاما في هذا الصدد ، إلا أن الرقابة القضائية تعد من أنجح وأفضل السبل
لذلك ، لما تكفله للأفراد من ضمانات وامتيازات تفتقر إليها كافة صور الرقابة الأخرى، و هذا ما
دفعنا لاختيار هذا الموضوع بالذات ، و جعلناه موضوع دراستنا التي عنوانها : الرقابـــــــة القضائيـــــة
على السلطــــة التقديريـــــــة للإدارة
فالرقابة القضائية: «هي المظهر العملي الفعال لحماية الشرعية فهي التي تكفل تقييد السلطات
العامة بقواعد القانون، كـمـا تكفل رد هذه السلطات إلى حدود المشـروعـيـة إن هي تجاوزت تلك
الحدود «كما قالت بذلك المحكمة الدستورية العليا المصرية.
من هنا يمكن القول أن الرقابة القضائية لمختلف أعمال و أنشطة الإدارة التقديرية تمثل مطلبا
ملحا وأساسيا في الدولة القانونية لحماية حقوق الأفراد و حرياتهم ضد التعسف أو التسلط المحتمل
من جانب الإدارة حين مباشرتها تلك الأعمال.
كما أن دراسة القضاء الإداري في الدول التي تأخذ بنظام القضاء المزدوج تحظى بأهمية
بالغة، لأن هذا القضاء يختص بالرقابة على الإدارة للتحقق من مشروعية تصرفاتها. وتزداد بخاصة
في الوقت الراهن بسبب ازدياد تدخل الدولة في عديد ميادين النشاط الإداري، كما أنه من واجب
الدولة التي تحترم نفسها أن تمكن الأفراد من اقتضاء و حفظ حقوقهم، و كفالة العدالة في أروقة
الإدارة، و لن يتحقق هذا إلا في ظل رقابة قضائية متخصصة و متميزة على الإدارة، تلك الرقابة
التي لابد لها ان تستهدف:
- حماية الحقوق و الحريات التي كفلها الدستور للأفراد.
- إلزام الإدارة باحترام مبدأ المشروعية و الخضوع له.
و تتجلى بوضوح أهمية الموضوع من الناحية النظرية و العلمية كون معظم النزاعات و المسائل
التي أثارت و تثير جدلا فقهيا حادا في كل من القضاء و القانون الإداري تدور حول السلطة
التقديرية للإدارة، و مدى رقابة القاضي الإداري لأعمال الإدارة الصادرة في ظلها، و التي تعتبر
كامتياز من امتيازات السلطة العامة المقررة و الممنوحة لها لتحقيق المصلحة العامة. أما على
صعيد القضاء الجزائري، فإن تكريس هذا الأخير لرقابته على السلطة التقديرية للإدارة سيقود إلى
إمعان النظر في بعض المفاهيم النظرية في القانون الإداري، مما يسهم في إثرائه أكثر، باعتباره
قانونا مرنا يتفاعل مع الظروف ويستجيب للتطورات الحاصلة في الحياة الإدارية، فهو قانون ذو
طابع قضائي منشئ.
ب – عمليــــــا :
يجب ألا يفسر منح الإدارة امتياز السلطة التقديرية لممارسة أنشطتها على أنه سبيل نحو
تغول الإدارة و لا هو صك على بياض لممارسة استبدادها و التعالي و التطاول على الأفراد
وتهديد حقوقهم وحرياتهم، بل على النقيض من ذلك فمنحها ذلك الامتياز إنما كان بهدف تسيير
و تيسير مهامها وتمكينها من أداء وظائفها، وفي الوقت نفسه حماية الحقوق والحريات الفردية.
و لن يتأتى السبيل إلى ذلك إلا بإخضاع تلك السلطة التقديرية الممنوحة للإدارة لرقابة القضاء
الإداري، فلا يمكن أن تمارس هذه الإدارة السلطة التقديرية خارج حدود القانون، و إذا ما تم ذلك
وجب ردها إلى جادة الصواب وذلك بتفعيل رقابة قضائية صارمة عليها، لأن القانون يجب أن
يفرض احترامه على السلطة الإدارية وغيرها من السلطات، وهذا ما يمثل ضمانا أساسيا و موثوقا
لحريات الأفراد و مراكزهم القانونية.
فيأمن الأفراد بذلك تعسف الإدارة لأنها غير مأمونة الجانب، هذا كلما راقب القضاء الإدارة
في استخدام سلطتها، أما غير ذلك أي كلما تركها تتصرف بحرية فإن باب الانحراف والاستبداد
أمامها يصبح مفتوحا على مصراعيه