التجـــــــربة التنمـــــــوية الماليــــــزيــــة - دراسة في مدخلي الحكم الراشد والتنمية المستدامة
Loading...
Date
2017
Authors
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
كلية الحقوق والعلوم السياسية
Abstract
تميزت ماليزيا بعد استقلالها بالتخلف والجهل بالإضافة إلى التعدد العرقي والديني الذي كان السبب في بقاء ماليزيا متأخرة نتيجة غياب العدالة في توزيع الثروة بين العرقيات المختلفة، حيث كان الصينيون هم من يملكون رأس المال وأصول التجارة والصناعة والهنود استأثروا بالتعليم والطب والحرف اليدوية، فلم يبق للسكان الأصليين المالاي الذين يمثلون الأغلبية المسلمة، إلا الزراعة والفلاحة التي يكون المرود فيه ضعيف ومحدود، وخاصة بعد أن كانوا يستقرون في الجبال التي تنعدم فيها المرافق العامة وأسباب التقدم، وبعد تولي ممد مهاتير منصب رئيس الوزراء سنة 1981م ، كان عليه أن يبحث في أسباب التخلف ومعالجتها والقضاء عليها، ودفع الاقتصاد الماليزي بقوة كبيرة من أجل اللحاق بالقوة المنافسة سنغافورة التي أصبحت أكثر تقدماً بعد ما كانت جزء منها .
كتب محمد مهاتير قبل تقلده لمنصب رئاسة الوزراء كتاب معضلة المالاي الذي شرح فيه أسباب التخلف ووصفه للمالاي بالكسل والخمول وغياب روح التغيير فيهم والإصلاح مما سبب اضطرابات العرقية 1969م من خلال هذا المنطلق بدأت القيادة الرشيدة في عملية الإصلاح السياسي وتبني فلسفة الحكم الراشد، حيث أنه يمثل الأسلوب الوحيد والضامن لنجاح عملية التنمية المستدامة وتحسين مؤشراتها، وبعد تبني الحكم الراشد كأسلوب حكم بدأت القيادة بتخفيف الأعباء على الدولة والقطاع العام، بإشراك القطاع الخاص في عملية التنمية المستدامة
وفتح الباب الواسع أمامه وأمام الاستثمارات الأجنبية التي قدمت لها العديد من الحوافز الضريبية، من أجل السماح بتدفق السيولة والتمويل بالعملة الصعبة وزيادة العمالة والقضاء على
البطالة ودوران رأس المال بسلاسة وتمويل المشاريع وخاصة الهيكلية، فإشراك فواعل الحكم الراشد في عملية التنمية المستدامة ساهم بالجزء الكبير في انتعاش الاقتصاد الماليزي وإعطاءه
دفعة قوية من خلال تمليك الدولة لقطاعات حساسة وهامة خاصة بالبنى التحتية للاقتصاد الماليزي للقطاع الخاص، ولإدراكها بأنه قادر على التطوير والإنتاجية العالية وخلق فرص أكبر
المناصب اعمل والقضاء على البطالة، هذا ما جعل إعادة إدماج المالاي في المجتمع الماليزي وحثهم على الهجرة من الأرياف إلى المدن من أجل كسب الخبرات والتعليم و تكوين رأس مال يمكن من خلاله المساهمة في عملية التنمية وتحسين مستوى معيشتهم، وسهل لهم عملية
الاقتراض والاستثمار في مشاريع صغير يمكن تطويرها لتصبح شركات كبرى.
إن عملية توزيع الثروة بشكل عادل، اختصرت على ماليزيا مراحل الاستقرار والاضطرابات والوقوف عند عقبة، وأعطت للقيادة الرشيدة مصداقية وكسبت رضى الشعب بعدما كانت في مستوى تطلعاته وطموحاته، رغم أن ماليزيا كانت فقيرة من حيث الموارد الأولية والطاقوية واعتمدت في إنتاجها على المطاط وزيت النخيل وبعد الزراعات الأخرى موجهة للاستهلاك المحلي، وبعد وضع الخطط الخمسية واستراتيجيات التصنيع بدأت ماليزيا تنتقل من مرحلة إلى أخرى تكون أكثر تقدماً من سابقتها، حتى أصبحت تعتمد في اقتصادها على العلم والمعرفة واستخدام تكنولوجيا عالية التقنية مما زاد في تسريع وتيرة الإنتاجية والتنمية، وأصبحت من مصدري التكنولوجيا العالية التقانة مما جعل التنمية في ماليزيا تعتمد على بدائل مختلفة ومصادر تمويل ودخل متعددة، مما حسن من مؤشرات التنمية المستدامة وجعل ماليزيا من بين الدول المرتفعة التنمية البشرية.
فتطبيق ركائز الحكم الراشد في ماليزيا وفّر مناخ سياسي مستقر ومناسب من أجل العمل والإبداع فالمسائلة والشفافية وسيادة القانون حافظة على حقوق الموطن الماليزي وتحسين مفهوم الديمقراطية وتطبيقه بما يتوافق مع مفاهيم وقيم وخصوصية المجتمع الماليزي التي يتميز بها، كما أن توفير العدل والمساواة قضى على الطبقية والاختلاف والاستغلال الذي مارسه الصينيون على المالاي بصفتهم الطبقة الفقيرة في أعمال السخرة والأعمال الشاقة، كما أن سياسة القضاء
على الفساد بصفته الآفة الأكثر تأثيرا على طموحات الشعوب وتخلفها أنشأت ماليزيا هيئة لمكافحة الفساد والقضاء عليه من خلال من خلال مراقبة القيادة الرشيدة ومحاسبة المؤسسات
الرسمية والخاصة الضالعة في مسائل الفساد من أجل عدم تفشي هذه الظاهرة في باقي مؤسسات الدولة و بين أفراد المجتمع.