محاضرات في مقياس: تاريخ النظم القانونية
Loading...
Date
2024-10-15
Authors
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
كلية الحقوق و العلوم السياسية
Abstract
إن المجمع عليه في الأوساط العلمية أن المعرفة الشاملة بموضوع الدراسة لا يمكن أن
تنفك عن تاريخه، الذي يعطي توصيفا شاملا لنشوء جميع القواعد المعرفية في شتى المجالات، لذلك كانت دراسة تاريخ النظم من أهم الدراسات التي يجب الاعتناء بها، لأنها تهتم بتاريخ القاعدة القانونية، أو ما يعرف بتاريخ القانون وحاضرها وهو ما يعرف بسريان القانون، لذلك نجد أن النظم القانونية لم تنشأ دفعة واحدة وتصل إلى ما وصلت إليه في الوقت الحاضر وإنما مرت بمراحل عدة، متأثرة في ذلك بالحقبة التاريخية التي وجدت فيها، والنظام السياسي الذي كان سائدا في ذلك الوقت، حيث يمكن أن نستخلص بعد هذه الدراسة وجود مرحلتين أساسيتين للنظم القانونية وهي " مرحلة الحق الإلهي والاستبداد الطبقي، ومرحلة الحق الموضوعي والاستقلال التشريعي"
أولا: مرحلة الحق الإلهي والاستبداد الطبقي: الذي تميزت النظم القانونية المبتدعة في الحضارات القديمة وفق خاصتين اثنتين هما:
. كانت محاولة تنظيمية لقوانين مست معظم جوانب الحياة آنذاك إلا أنها لم تكن عادلة. . كانت أنظمة قانونية غير شاملة.
للأسباب التالية:
أ- لم تكن قائمة على المبادئ القانونية المعروفة الآن وهي " مبدأ الفصل بين السلطات، ومبدأ المساواة، ومبدأ العدالة، لأن السلطة كانت في يد الملك، الذي ينظر لنفسه كإله يشرع ويحمل الناس على الانصياع لأحكام قانونه ، وإلا تحل عليهم اللعنة الإلهية التي يتولى تنفيذها الكهنة.
ب- اعتبار هذه الأنظمة الطبقية كأساس لتنظيم المجتمع فافتقدت تلك القوانين للعمومية
والتجريد، أين نجد القانون يطبق على العامة والعبيد ولا يطبق على الأشراف.
ت- اتفاق جميع القوانين القديمة على أن الأسر الحاكمة هي ظل الله في الأرض، وبالتالي جاءت معظم هذه القوانين بأسماء واضعيها كحمورابي، وإمازيس، ودراكون، وصولون
وبث الاعتقاد بحقيقة الصلة الإلهية بين الملك المشرع و الله.
ث - تميزت جميع القوانين القديمة بالشدة والقسوة عند تطبيق العقوبات كاختبار النهر الذي
يخضع له المتهم في قانون " أورنمو" وفي مادته 10.
ج- رغم انتقال القوانين القديمة من فكرة الانتقام الفردي إلى التنظيم القضائي إلا أن تنفيذ العقوبات كان بيد الضحية فله أن يقتل أو يأسر أو يستحوذ على أموال المتهم أو الدين، بمعنى كان الرق نظاما للتنفيذ القضائي.
ثانيا: مرحلة الحق الموضوعي والاستقلال التشريعي: الذي جاءت به الشريعة الإسلامية أساسا وأعطت تقيما للحقوق لا يرتبط بصفة الشخص وإنما وبقيمة الحق في حماية مصالح المجتمع التي حددتها الشريعة الإسلامية في خمسة مصالح، وجاءت بنظام للحقوق لم تسبقها شريعة إليها وأوجدت شروطا موضوعية تتعلق بشخص متولي الوظيفة العامة نافية بذلك أي انتماء أو حسب تطبيقا لقاعدة " كلكم راع وكل مسئول عن رعيته" " وكلكم من آدم وآدم من تراب " على النحو التالي:
أن الشريعة الإسلامية جاءت بنظام مختلف عن الحق وقسمت الحقوق إلى عدة أقسام هي: الحقوق العامة:
وهي تلك الحقوق التي يتمتع بها أي فرد بغض النظر عن أنه مسلم أم لا، وهي الحقوق
الإنسانية المتمثلة في " الحق في الحياة والحق في الحرية، والحق في العدل". الحقوق الخاصة:
حقوق الله: وهي حدود الله أو حقوق الله التي تتصل مباشرة بمصلحة المجتمع، ولا يملك المخاطب بها، أن يسقطها ، أو يعفو عنها، كما أنها لا تتوارث حق العبد: وهي الحقوق التي تتصل بالمصلحة الخاصة للعبد فهي لا تتعلق بمصلحة
هذه الحقوق أوجبت لحمايتها وحسن تطبيقها شروطا فمن يتصدى لها وهي:
• الرجولة: وهي البلوغ و الذكورة، لأن غير البالغ لا يعلق عليه حكم فكيف يعلق عليه حكم غيره، أما النساء فنقصهن في الولاية الشهادة وإن تعلق بها الحكم وهي الأموال فقط.
. العقل : وهو العلم بالتكليف والمنكرات الضرورية
• الحرية: لأن نقص العبد ولايته على نفسه يمنع من إنفاذ ولايته على غيره. . الإسلام لأن شرط جواز الشهادة مع قوله تعالى " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا "، لذلك لا يجوز أن يقلد الكافر القضاء على المسلمين ولا على
الكفار في ديار المسلمين.
. العدالة: وهي معتبرة في كل ولاية وهو أن يكون صادق اللهجة، ظاهر الأمانة، عفيفا عن المحارم، متوقيا للآثام ، بعيدا عن الريب"
. السلامة في السمع والبصر : ليصح بها إثبات الحقوق ويفرق بين الطالب
والمطلوب، ويميز المقر من المنكر، والحق من الباطل.
الشريعة الإسلامية اتبعت نظام حماية للحقوق يتوافق مع أهمية الحق ودرجته ، فهو متوازن بين اقتضاء حق الله دون تنازل، ودور الفرد في حماية حقه أو التنازل عنه مقابل تعويض في الدنيا او ثواب في الآخرة، الأمر الذي أدى إلى أن تكون الحقوق والمعاملات مصونة تلقائيا، فالمتمعن في النظم القانونية الحالية وكمثال على ذلك النظم القانونية الجزائرية لا يجدها تخرج عن الأبعاد القيمية التي جاءت بها الشريعة الإسلامية.