مبدأ المساواة في الأسلحة في الخصومة الجزائية

Loading...
Thumbnail Image
Date
2014
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
كلية الحقوق والعلوم السياسية
Abstract
نخلص من خلال المذكرة إلى مفارقة عجيبة فمن جهة حرص المشرع الدستوري الجزائري وقانون الإجراءات الجزائية على ضمان المحاكمة العادلة للمتهم، ولكنه من جهة أخرى يحرمه من عديد الحقوق الإجرائية التي يمنحها لسلطة الإتهام متمثلة في النيابة العامة التي يجعله في مركز الخاضع للنيابة العامة، هاته التي تعد ممثلة للسلطة التنفيذية أمام القضاء الجزائي فالنيابة العامة كجهاز قضائي مستقل تهدف إلى تحقيق العدالة الجزائية الحقة وتجميدها في أرض الواقع بكل أشكالها وبمختلف وجوهها، وليس الهدف منها إدانة المتهم بأي شكل من الأشكال أو بأية صورة من الصور، مما يفرض على قانون الإجراءات الجزائية أن يحافظ على هذه الصورة خلال مراحل الدعوى الجزائية وما بعدها بحيث يتساوى المتهم مع النيابة العامة في المكنات والوسائل المتاحة قانونا لإثبات إدعائها ) أدلة الاتهام مقابل أدلة النفي ) باعتبارهما خصمين في الدعوى وحتى يكون الدفاع على قدر الاتهام، وذلك عن طريق تكريس الاتجاه الحديث للسياسة الجنائية الرامي إلى تعزيز حقوق الدفاع بهدف خلق نوع من التوازن بين مركز النيابة العامة من جهة و حقوق المتهم من جهة أخرى. وتتمثل مظاهر هذه المفارقة فيما يأتي : - عدم النص الدستوري ولا القانون على مبدأ المساواة في الأسلحة رغم أن المواثيق الدولية تنص صراحة على أن هذا المبدأ يعد أهم ركائز المحاكمة العادلة وعمادها ومن أهم مقوماتها، حيث لا تتحقق العدالة الجزائية إذ لم تحترم أو لم تقرر له ضمانات إجرائية تحول دون المساس به . - منح المشرع للنيابة العامة وحدها الحق في تقديم الطلبات المتعلقة بحرية المتهم خلال مرحلة التحقيق، دون أن يمنح المتهم الحق في إثارة الدفوع مقابل تلك الطلبات - منح المشرع الإجرائي للنيابة العامة وحدها الحق في الطعن بالبطلان أمام غرفة الاتهام في أعمال قاضي التحقيق وحرم المتهم من هذا الحق - منح المشرع الإجرائي للنيابة العامة الحق في الطعن بالاستئناف في أوامر قاضي التحقيق دون تقييد، فيما قيد حق المتهم في الطعن بالاستئناف بما يجعل حقه مجرد استثناء على قاعدة عدم جواز طعن بالمتهم بالاستئناف ضد أوامر قاضي التحقيق. - منح المشرع للنيابة العامة حقا مطلقا للطعن بالنقض في الأحكام الجزائية فيما قيد حق المتهم بخصوص هذا الحق بمجال محدد مما يجعله أيضا بمثابة استثناء على قاعدة مفادها عدم جواز طعن المتهم كما منح المشرع للنيابة العامة الحق في الطعن لصالح القانون، دون أن يمنح هذا الحق للمتهم كما أن المتهم لا يستفيد من نتيجة هذا الطعن حتى لو ألغي الحكم الذي أدائه. وتماشيا مع هذه النتائج فإن المذكرة تخلص إلى ضرورة تدخل المشرع الدستوري والإجرائي خصوصا وأن المذكرة تأتي والمشاورات حول تعديل الدستور جارية و ذلك بإدراج الاقتراحات والتوصيات التالية : - ضرورة النص الدستوري والإجرائي على مبدأ المساواة في الأسلحة بإعتباره أحد معايير المحاكمة العادلة وعمادها . - ضرورة إعادة توزيع الأسلحة بين المتهم والنيابة العامة بما يحدث توازنا بينهما بمنح المتهم نفس الحقوق الإجرائية خلال كل مراحل الإجراءات الجزائية، فالمساواة بين النيابة العامة والمتهم في المكنات و الوسائل باعتبارهما خصمين في الدعوى هو أمر مطلوب ومفترض فالخصم هو من يساوي خصمه في المكنات والوسائل أما النيابة العامة من الناحية الواقعية تحمل صفة الخصم فوق العادة الذي يملك سلطات ومكنات لا يملكها المتهم . - ضرورة تعديل المشرع لنص المادة 107 من قانون الإجراءات الجزائية وذلك بمنح المتهم نفس المكنة الممنوحة للنيابة العامة والمتمثلة في الطرح المباشر للأسئلة لضمان حيادية قاضي التحقيق من جهة وضمانا لحق الدفاع المقرر قانونا للمتهم والذي كفلته الدساتير من جهة حتى يتسنى لقاضي التحقيق حسم النزاع بكل حياد دون أن يمنح لخصم ما لا يمنحه لخصم آخر، وحتى لا يتأثر مجرى التحقيق الذي رسمه المشرع للتحقيق ولا تتأذى العدالة الجزائية مما يشوب هته المرحلة من نقائص - ضرورة تعديل نص المادة 127 من قانون الإجراءات الجزائية وتقرير الإفراج المؤقت عن المتهم في الحال متى لم يثبت قاضي التحقيق في طلبه الرامي إلى الإفراج المؤقت في الأجل القانوني المحدد لذلك شأنه في ذلك شأن النيابة العامة الذي قرر لها هذا الأثر بموجب نص المادة من نفس القانون وذلك بإبداء نفس العناية للطلبات التي يتقدم بها النيابة العامة والمتهم والرامية لطلب الإفراج المؤقت أمام قاضي التحقيق لكون هدفها واحد وعلى قدر واحد من الأهمية مما يتطلب معاملة واحدة. - منح المتهم الحق في إثارة الدفوع أمام جهة التحقيق ليواجه بها طلبات النيابة العامة المتعلقة بالحبس المؤقت و الرقابة القضائية والوضع في إقامة مكمنة . - منح الحق للمتهم في تقديم طلب إطال أعمال قاضي التحقيق أمام غرفة الإتهام كما هو الحال في التشريع الفرنسي بموجب قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي. - إطلاق حق المتهم في الطعون بالاستئناف ضد أوامر قاضي التحقيق ليصبح مثله مثل النيابة العامة ولا يبقى حقه في الاستئناف مجرد استثناء في بعض ا إطلاق حق المتهم في الطعون بالنقض في الأحكام الجزائية ليصبح مطلقا مثله مثل النيابة العامة. الأوامر. فإذا استجاب المشرع الجزائري لذلك وكرس مبدأ المساواة في الأسلحة فإنه بذلك يكون قد أعرب على نيته الواضحة في السعي إلى تكريس وإعلاء حقوق و حريات الإنسان في إطار فلسفة الإصلاح التي تتردد في العالم في المرحلة الراهنة مما يدفعنا إلى مناشدة المشرع على مواصلات الإصلاحات التي يبديها في سبيل السمو بمركز المتهم عن طريق الموازنة بين حقوقه والسلطات النيابة العامة، بهدف تحقيق محاكمة عادلة ونزيهة، شأنه في ذلك شأن الدولة المتحضرة من خلال توسيع دائرة الضمانات و تحقيق الآليات الكفيلة بتحقيقها الأمر الذي نتمنى أن يشمل مستقبلا باقي المواد المذكورة التي تمس بحق المتهم في الدفاع حتى تطبق بذلك ما التزم به أمام المجتمع الدولي من خلال تصديق الدولة الجزائرية على عدد لا يستهان به من المعاهدات الدولية في مجال حقوق الإنسان، فهل يبقى المشرع الجزائري حبيس نظرته التقليدية للإجراءات الجزائية أم سيواكب الفقه الجنائي المعاصر ويأخذ عنه المعايير الجديدة المتعلقة بالمحاكمة العادلة ويكرسها في التعديلات اللاحقة ؟
Description
Keywords
Citation