سلطة القاضي الجنائي في إثبات المسائل الأولية
Loading...
Date
2014
Authors
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
كلية الحقوق والعلوم السياسية
Abstract
إن المحاولة السابقة لدراسة موضوع حدود سلطة القاضي الجزائي في إثبات المسائل الأولية كان الهدف منها هو معرفة مدى وحدود السلطة التي يتمتع بها القاضي الجزائي
في إثبات المسائل الأولية، فإذا كان المبدأ العام الذي يحكم سلطة القاضي الجزائي في الإثبات هو حرية القاضي الجزائي في ذلك، حيث يمكنه الإستعانة في إثبات الجرائم بكل
وسائل الإثبات، فالقاضي يمكنه الإعتماد على أي دليل من شأنه أن يؤدي إلى كشف الحقيقة، غير أنه إذا اعترضت طريقه مسألة عارضة يتوقف على إثباتها والفصل فيها إثبات قيام الجريمة من عدمه، ومتى كانت هذه المسألة تشكل مسألة أولية، في هذه الحالة فإن القاضي يستبعد الإثبات الجنائي الذي يقوم على مبدأ حرية الإثبات ليتقيد بطرق الإثبات المحددة في القانون الخاص بتلك المسائل .
ومن هنا يمكن القول أنه من خلال دراستنا لهذا الموضوع توصلنا لجملة من النتائج
أهمها :
سلطة القاضي الجزائي في إثبات المسائل الأولية والتي تقوم على تقييد القاضي بإتباع
طرق الإثبات المقررة في القانون الخاص بتلك المسائل لا يشكل إستثناء حقيقي على السلطة الممنوحة له في الإثبات ذلك أن المسألة الأولية التي يواجهها القاضي الجنائي وهو بشأن إثبات الجريمة تتعلق بمسائل غير جنائية، مجالها الحقيقي ليس الإثبات الجنائي لذلك فإن إثباتها له طبيعة خاصة تتباين عن المسائل الجنائية، ولهذا نضمت أحكامها
بقانون خاص .
- كما إنتهت الدراسة إلى أنه إذا كان الدفع بالمسألة الأولية يتم من طرف المتهم ولا يمكن للقاضي إثارته من تلقاء نفسه لكونه يتعلق بمصلحة المتهم، فإنه على العكس من ذلك نجد
أن إلتزام القاضي الجزائي بإتباع في إثبات المسائل الأولية طرق الإثبات المقررة في القانون الخاص بها المقصود به أساسا هو ترسيخ قاعدة أصولية تتلخص في أن طرق الإثبات تتبع موضوع الدعوى لا قاضيها، وليس المقصود بها في المقام الأول مصلحة
المتهم .
- لم ينص المشرع الجزائري على وسائل الإثبات التي يستعملها القاضي الجزائي في إثبات المسائل الأولية حيث لا يوجد أي نص ضمن قواعد الإثبات الواردة في قانون الإجراءات الجزائية ما يدل على أن المشرع قد تعرض صراحة إلى ذلك، وهذا على عكس المشرع المصري الذي نص في المادة 225 إجراءات على أن القاضي الجزائي يتبع في إثباتها طرق الإثبات المقررة في القانون الخاص بتلك المسائل.
- كما أنه ومن خلال بحثنا وجدنا أنه كثيرا ما يتم الخلط بين المسألة الأولية والمسألة الفرعية، بالإضافة إلى أن المسألة الفرعية هي عبارة عن إستثناء عن المسألة الأولية فإن
المشرع أنشأ هذا الإستثناء وقرنه بنص صريح، غير أننا نجد أن المشرع لم يقم بتنظيم الحالات المنشأة للمسألة الأولية بنصوص قانونية صريحة، مما أدى إلى صعوبة التمييز بين الحالات التي تعتبر فيها المسألة العارضة مسألة أولية، وتلك التي تعتبر فيها مسألة فرعية، وقد تبين ذلك من خلال التطبيقات القضائية للمسألة ، فالقضاء يعاني من الغموض وعدم الإستقرار ، وأحسن مثال كان بالنسبة لمسألة الملكية العقارية فقد تدبدبت وتناقضت الإجتهادات القضائية بين إعتبارها مسألة أولية تارة ، ومسألة فرعية تارة أخرى.
- المسألة الأولية الثارة أمام محكمة الجنايات القاضي الجزائي لا يكون ملزم بإتباع طرق الإثبات الخاصة بها، فهذا الإستثناء لا يسري عليها، و إنما تبقى متمتعة بكامل الحرية في تقدير وقبول وسائل الإثبات وهو ما يستنتج من نص المادة 307 من قانون الإجراءات الجزائية ) .
أما عن ما يمكن أن أن نقدمه من توصيات فإننا نجملها فيما يلي :
لابد من تدارك النقص الذي يعانيه التشريع الجزائري فيما يخص المسائل الأولية وذلك لتحقيق حسن سير مرفق العدالة و الوصول إلى نجاعة أكبر، ذلك أن نص المادة وإن كان يعتبر هو الأساس القانوني للمسألة الأولية، إلا أن نص هذه المادة جاءت عامة وتقبل عدة إحتمالات، فالمشرع إستعمل عبارة " جميع الدفوع " دون تحديد أو توضيح .
- ضرورة النص على الأحكام الخاصة بإثبات المسائل الأولية، بإحالة القاضي الجزائي صراحة على التقيد بطرق الإثبات المقررة في القانون الخاص بتلك المسائل الأولية،
تماما مثل ما فعل المشرع المصري في المادة 225 إجراءات مصري .
- ضرورة تخصص القاضي الجزائي في مجال عمله لما يحققه من مزايا الدقة والإلمام و الإحاطة بحدود إختصاصه، مع تأهيله عمليا للإحاطة بطرق و أنظمة الإثبات في فروع
القانون الأخرى على الأخص الإثبات المدني لما يحتله من أهمية كبيرة في العمل القضائي، وذلك لأن القاضي لا ينفرد في مجال الإثبات بتطبيق قواعد الإثبات الجزائي فقط، فهو يطبق كذلك قواعد الإثبات في القوانين الأخرى كلما تعلق الأمر بالمسائل
الأولية. - بما أن المشرع إعتبر المسائل الفرعية إستثناء، ولا إستثناء إلا بنص صريح فإنه يجب عليه توحيد الإجتهاد القضائي المتدبدب وتبني رأي واحد لا يمكن الخروج عنه إلا بموجب نص صريح ، وأن يتصدى للمسائل الفرعية بتنظيم تشريعي محكم وصريح يعفي القضاء من عدم الإستقرار .