تعویض الضرر الناشئ عن الجریمة
Loading...
Date
2010
Authors
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
كلية الحقوق و العلوم السياسية
Abstract
تنـال كـل جریمـة مـن تـوازن المجتمـع بخرقهـا للقواعـد المتعلقـة بالنظـام العـام للدولـة وینـتج عـن ذلـك
انهیار للهیكل الذي وضعته لتوفیر قیم الحیاة، وفي نفس الوقت تنـال الجریمـة عـن مصـالح خاصـة بشـخص
ذاتـي فتلحـق بـه ضـررا مباشـرا أو غیـر مباشـرا، وباعتبـار أن الجریمـة مـن نتـائج الحیـاة البشـریة فهـي ملازمـة
للإنسان منذ نزول ادم علیـه السـلام لـلأرض، غیـر أن البحـث انصـب منـذ أقـدم العصـور علـى مـدى إمكانیـة
التضییق في نطاقها وجعل ضررها محدود بقدر الإمكان سواء للمجتمع أو للفرد .
والحقیقة هي أن للجریمة ضحیتین هما المجتمع و الفرد ،والقـانون یهـدف إلـى حمایتهمـا معا،لـذلك كـان
من الواجب الاهتمام بشخص المضرور من الجریمة الـذي یعتبـر مـن أهـم عناصـر الظـاهرة الإجرامیـة فلـیس
مـن العـدل أن ینـال الجنـاة فـي أجهـزة العدالـة رعایـة تفـوق بصـورة بالغـة حقـوق المضـرور مـن الجریمـة، وأن
تتجاهل السیاسة الجنائیة أوضاع وحقوق الطرف المتضرر من الجریمـة دون محاولـة جـادة لتقـدیم المسـاعدة
إلیه والدفاع عن مصالحه وتیسیر حصوله على هذه الحقوق.
الأمر الذي حمل العاملین في حقل السیاسـة الجنائیـة علـى رفـع الصـوت عالیـا للمنـاداة بوجـوب إنصـاف
المضرور من الجریمة من خلال محو أثارها وضمان حقه فـي التعـویض عـن مختلـف الأضـرار التـي لحقـت
به من جراء الجریمة متى توفرت شروطها وأركانها ،سواء كانت هذه الأضرار مادیة أو معنویة. بحیث شهد
عالم الیوم بدایة ثورة جنائیة جدیدة تتم لصالح المجني علیه وكل متضرر من الجریمة بعد أن ظل حینا من
الدهر لم یكن شیئا مذكورا.
ٕواذا كانت البشریة في القـرن الماضـي قـد سـمت بمشـاعرها مـن الانتقـام مـن الجـاني إلـى معاملـة عقابیـة
عادلة، فقد آن لها في هذا القرن أن تترجم مشاعر الشفقة اتجاه المجني علیه أو المضرور من الجریمة إلى
حمایـة كاملـة محقوقـة وبهـذا یتـوازن حـق الدولـة فـي العقـاب مـع حـق المضـرور مـن الجریمـة فـي
التعویض.259
ومن هذا المنطلق اسـتقرت الآراء الفقهیـة والقانونیـة علـى ضـرورة تعـویض المضـرور مـن الجریمـة سـواء
كان الجاني معلوما او مجهولا میسرا أو معسرا مستلهمة هذه الفلسفة مـن التشـریع الجنـائي الإسـلامي الـذي
عني بالمضرور من الجریمة مند قرون ،فحفظ حقوقه بقواعد ثابتة لا غبار علیها و ذلك بغض النظر عن
الأساس الذي یقوم علیـه هـذا التعـویض، و مـن أجـل تحقیـق الترضـیة الكاملـة للمتضـرر مـن الجریمـة لا بـد
مـن الحكـم بالصـورة المناسـبة للتعـویض بحیـث یتناسـب مـع طبیعـة الضـرر الحاصـل، كـذلك تقـدیره تقـدیرا
عادیا یراعى فیه مختلف الظروف و الملابسات .
هذا من جهة ومن جهة أخرى على الدولـة أن تقـوم بـدورها فـي حمایـة حقـوق المضـرور مـن الجریمـة وذلـك
بوضع إستراتجیة عامـة ٕ لوقایـة الأفـراد مـن خطـر الجریمـة، واذا وقعـت رغـم ذلـك فإنـه علـى الدولـة أن تعمـل
علــى إزالــة جمیــع العوائــق التــي تحــول دون حصــول المضــرور علــى تعــویض بمختلــف أنواعــه وصــوره،
وتیسیر الإجراءات القضائیة و الإداریة الواجب اتخاذها في سبیل تحصیل التعویض. هذا فضلا عـن حـث
الجاني و الضغط علیه من أجل مساعدة المضرور و جبر ضرره